رحلات طيران رخيصة إلى صوفيا من EUR14*

"Raste no ne stare" أو "تكبر، لكن لا تشيخ أبدًا": ما زال شعار العاصمة البلغارية يصدح اليوم بالمعاني نفسها التي تغنى بها منذ أكثر من قرن حين أضيف إلى شعار النبالة في المدينة. تستحق صوفيا بكل تأكيد أن تزورها وتخصص لها قائمة أمنيات وأنشطة ثم تبذل قصارى جهدك لتحقيقها، فهي مدينة تنبض بالحياة والثقافة والأحداث وبقايا تاريخ متقلب. يوحي منظر المدينة بأنه مشهدٌ من فيلم سينمائي ساحر أو لقطة على بطاقة بريدية أخاذة، محاطًا بأطلال رومانية وتراقية عمرها 2000 عام، ومعالم سوفيتية ومساجد عثمانية. تحمل صوفيا اسم أقدم وأعلى كنائسها، وهي المكان الوحيد في القارة الذي يعيش فيه أعضاء الديانات السماوية الثلاث، المسيحيون والمسلمون واليهود، ويمارسون شعائرهم الدينية جنبًا إلى جنب. يمثل السير على الأقدام أفضل طريقة لاستكشاف هذه المدينة التي تجسد قلب البلقان الزاخر بما يكفي من عوامل الجذب لإبقائك مشغولًا لأيام متتالية. وإضافة لكل ما سبق، فكم من العواصم التي تعرفها محاطة بشيء في مثل هيبة جبل فيتوشا وعظمته؟

 

سافر إلى صوفيا، بلغاريا من أجل:

ربما تكون الحقبة الستالينية قد تركت بصماتها على وجه العاصمة البلغارية، بيد أن التجول سيرًا على أرصفتها الصفراء سيكشف لك عاجلاً ما تكتنفه المدينة من مظاهر أخرى تبعث على الاستغراق في التأمل والتفكير. وإليك مفاجأة صغيرة: بلغاريا في الواقع ثالث أغنى دولة في أوروبا من حيث تراثها الأثري، ولا تسبقها إلى قمة هذا الترتيب إلا إيطاليا واليونان. عُرفت صوفيا سابقًا باسم "سيرديكا" تحت حكم التراقيين والحكم الروماني الذي لحقه، ويرجع تاريخها العريق إلى حوالي 7000 سنة اشتهرت خلالها كمركزٍ يضج بالأنشطة التجارية والصناعية والثقافية في منطقة البلقان. تعد المدينة اليوم رمزًا للتناغم والقبول بين الأديان، وهي موطن لكنيسة سفيتا نيديليا ومسجد بانيا باشي وكنيس صوفيا، ولا تفصل بينها سوى أمتار قليلة في اعتناقٍ لمثلث التسامح الديني.

 

مدينة يستمر بناؤها إلى اليوم منذ آلاف السنين

مع ماضٍ غني يوغل في القِدم آلاف السنين، كن على أهبة الاستعداد لخوض تجربة مترعة بالاكتشافات لأشهر مواقع صوفيا وكنوزها المخفية. ابدأ مغامرتك مع الجوهرة المركزية الثمينة في المدينة، ألا وهي كاتدرائية ألكسندر نيفسكي في ساحة ألكسندر نيفسكي. بُنيت الكنيسة لإحياء ذكرى 200 ألف جندي روسي وأوكراني وبيلاروسي وبلغاري ماتوا في حرب التحرير التي دارت رحاها بين عامي 1877 و1878، وتشتهر هذه الكنيسة البيزنطية ذات القباب الذهبية بكونها واحدة من أضخم الكاتدرائيات الأرثوذكسية الشرقية في العالم. تأكد من التوقف عند محطة مترو أنفاق سيرديكا لتتأمل أعاجيب الآثار التي تم اكتشافها مؤخرًا في صوفيا القديمة. ولتحظى بفرصة زيارة أكبر عدد من الأماكن التي لا بد لك من رؤيتها في قائمة صوفيا، ما عليك سوى اتباع طريق الطوب الأصفر.
انغمس في التاريخ المفعم بالألوان للمدينة عند كنيسة سانت جورج (روتوندا سفيتي جورجي)، أقدم نصب تذكاري في صوفيا يزدان بلوحات جدارية يعود تاريخها إلى القرن السادس. واستمع إلى الألحان أثناء تنزهك في حديقة سيتي جاردن ومتع ناظريك بالزخرفة الأخاذة التي تزين مسرح إيفان فازوف الوطني. أما هواة التاريخ فيجب أن يحرصوا على عدم تفويت فرصة زيارة المتحف الأثري الوطني الذي يقع في الجوار، بينما من الأفضل لعشاق الفن التوجه إلى معرض الفنون الوطني، الذي يضم أكثر من 50000 قطعة من الفن البلغاري. هل أشبعت تعطشك للمتاحف والمعارض؟ إذن تابع جولتك في صوفيا مارًا بشارع القيصر إيفان شيشمان، حيث أفضل أماكن فنون الشارع التي تستحق أن تزين صورها حسابك على الإنستغرام. ثم توجه للتعرف على ماضي بلغاريا الشيوعي في متحف الفن الاشتراكي، الذي تكمله حديقة المنحوتات المقامة تكريمًا لأبرز الشخصيات في الحركة، داخل بلغاريا وخارجها.

 

بانيتسا وميكيتسا: تعرّف على أطعمتك المفضلة الجديدة

المطبخ البلغاري، الذي يشبه إلى حد كبير تاريخ البلد نفسه، مزيجٌ من النكهات والتأثيرات من جميع أنحاء المنطقة وخارجها. وتمثل صوفيا جنة عشاق الطعام بكل معنى الكلمة: فالأطباق رخيصة وبسيطة، ويتم تحضيرها فقط من المكونات عالية الجودة والتوابل الترابية. لتبدأ يومك بتناول وجبة إفطار دسمة، عليك بتجربة "البانيتسا"، حيث تحتل فطيرة الجبن الأبيض ولبن الزبادي والبيض هذه مكانة خاصة على طاولات الإفطار البلغارية، إلى جانب "الميكيتسا"، وهو الدونات البلغاري المقلي. هل أنت جاهز للوجبة التالية؟ عليك بزيارة مطعم "ميد إن هوم"، ذلك المطعم الصغير الغريب والمحبوب من قبل السكان المحليين والزوار الأجانب على حد سواء، وإياك أن تنخدع بالمظهر المرح للديكور الداخلي، حيث إن "ميد إن هوم" يأخذ الطعام على محمل الجد ويقدم رؤيته الخاصة للمأكولات البلغارية والمتوسطية والشرقية التقليدية.
أما إن كنت في مزاج لتناول شيء أخف، فانتقل إلى مركز ثورة الحساء في صوفيا، مطعم سوبا ستار (Supa Star)، لأشهى الشوربات والسندويتشات التي يتم إعدادها يوميًا من مكونات موسمية. هل تحتاج إلى بعض المساعدة في هضم ما أقدمت على التهامه؟ ادمجها مع سلطة شوبسكا لتكتمل تجربة الطعام البلغاري المثالية. انطلق الآن في مغامرة حقيقية لن ينساها كرشك في "سكارا بار" واطلب طبق "ميشانا سكارا"، وهو عنصر أساسي من عناصر مطبخ بلغاريا العاشق للحوم، مع "الكبابشيتا" من لحم الضأن والنقانق المشوية ( وقد تحتوي على لحم الخنزير).

 

كلها وردية: التسوق وغير ذلك الكثير

لا تكن أنانيًا وتحتفظ لنفسك بحبك الجديد للمأكولات البلغارية، بل اتجه لزيارة قاعة التسوق المركزية في "ماريا لويز بوليفارد" خلال ساعات الصباح الباكر، واقتنص أشهى اللحوم المعالجة والجبن والزيتون والمكسرات والحلويات لأحبائك. وأثناء وجودك هناك، استمتع بمشاهدة المباني التي تتباهى بإحياء فنون العمارة من عصور النهضة والبيزنطي والباروكي. وتذكر أن تأخذ مؤونتك من منتجات التجميل المصنوعة من زيت الورد في متجر "بولغاريان روز كارلوفو"، حيث سيتسنّى لك التعرف على تاريخ أكثر صادرات البلاد شعبية وحبًا في قسم المتحف. ولا تنس البحث عن العلامات التجارية المفضلة لديك في "فيتوشا بوليفارد"، شريان التسوق الرئيسي في صوفيا، واقتناء الهدايا التذكارية من مركز الفنون والحرف الشعبية، الذي يضم بين جنباته مجموعة من أفضل منتجات الحرف اليدوية التقليدية، مثل السجاد المنسوج يدويًا والفخار والمجوهرات والمنحوتات الخشبية.
ألديك الرغبة في الاختلاط مع السكان المحليين؟ حقق أقصى استفادة من إقامتك في صوفيا وتوجه إلى "إن دي كيه"، اختصارًا لاسم قصر الثقافة الوطني، الواقع في الطرف الجنوبي من شارع فيتوشا بوليفارد. ربما لا يتمتع هذا المجمع الذي يعود إلى الحقبة الشيوعية وينتصب بارتفاع 8 طوابق على مساحة 123 ألف متر مربع بالمظهر الأكثر ترحيبًا من الخارج، ولكن هناك الكثير مما يحدث بين هذه الجدران الضخمة. يضم هذا المعلم الذي ينبغي ألّا تفوتك زيارته عددًا لا يحصى من قاعات الحفلات الموسيقية، ومناطق المعارض والمحلات التجارية والمطاعم والنوادي، ناهيك عن بعض القطع الرائعة من الفن الحديث والمعاصر. وعلى مدار العام، يعج مجمع "إن دي كيه" بمهرجانات الأفلام والمعارض وعروض الأزياء والمعارض التجارية، ملبيًا بذلك جميع الأذواق والأعمار والميزانيات.

 

مغامراتٌ في الهواء الطلق على مدار العام

اربط حذاءك وشد الرحال إلى كتلة فيتوشا الجبلية على مشارف صوفيا. بوجود عشر قمم تمتد على مسافة تزيد عن 2000 متر، تمنحك هذه الكتلة مكانًا مثاليًا لرحلات المسير أو التزلج أو حتى لنزهةٍ بعد الظهر، ويمكن الوصول إليها بسهولة على متن وسائل النقل العام وطرق الحبال. أما في أشهر الشتاء، فيمكنك ركوب مصعد جندول سيميونوفو للوصول إلى "أليكو"، أحد أعلى منتجعات التزلج على الجليد في بلغاريا، والذي يقدم لك الكثير من خيارات الرياضات الشتوية المثيرة، مثل التزلج والتزحلق بالألواح والتزلج على الثلج عبر الريف. هل تخطط للزيارة في الطقس الحار؟ توجه هناك إلى المساحات الخضراء المورقة ورحلات المسير الرائعة، مع إطلالات خلابة على صوفيا والمروج الخصبة والقمم الشامخة بارتفاعات تزيد عن 2000 متر. ليس ثمة مكانٌ أفضل للهروب من درجات الحرارة المرتفعة في أشهر الصيف. فقط تأكد من توجيه التحية إلى زملائك المتنزهين بقولك: "دوبر دين"، وهي تحية تشبه قولك "يومًا سعيدًا"، بغض النظر عن مدى ازدحام المكان هناك!

 

مطار صوفيا

يقع مطار صوفيا، المطار الدولي الرئيسي في بلغاريا، على بعد 10 كيلومترات من وسط مدينة صوفيا. من المطار، يأخذك خط مترو صوفيا رقم 1 في رحلة تستغرق 20 دقيقة إلى وسط المدينة، في حين تتوفر خدمات سيارات الأجرة واستئجار السيارات أيضًا. تقدم المتاجر سلعًا معفاة من الرسوم الجمركية وضروريات السفر بالإضافة إلى الأطباق البلغارية الشهية والتوابل والعسل وأنواع الشاي العشبي ومستحضرات التجميل العضوية. وتشمل خيارات الطعام المقاهي والمقبلات التي تقدم الوجبات الخفيفة والسندويتشات والمشروبات.

 

الطقس في صوفيا

تتمتع صوفيا بمناخ قاري كلاسيكي يكون شتاؤه باردًا إلى حد ما وصيفه حارًا مشمسًا، ويزيد متوسط درجة الحرارة السنوي عن 10 درجات مئوية بقليل. درجات الحرارة القصوى نادرة ولكنها قد تحدث: درجات الحرارة تنخفض في بعض الأحيان إلى أقل من -15 درجة مئوية في يناير وتزيد عن 35 درجة مئوية في يوليو وأغسطس. ونظرًا لارتفاع المدينة، فإنها تظل في الغالب أكثر برودة من مناطق أخرى في بلغاريا. لتحقيق أقصى استفادة من إجازتك في مدينة صوفيا، احرص على زيارتها بين منتصف مايو وأواخر سبتمبر.