رحلات طيران رخيصة إلى روما من EUR15*

كلما وطئت أقدام الرحّالة أرض روما، تأكدت في نفوسهم المقولة الشهيرة التي سطرتها ذات مرة يد الكاتب والناقد الأدبي الشهير أناتول برويار، ويقول فيها: "كانت روما فيما مضى قصيدة تغنى بها الشعراء في قصائدهم ثم ما لبثت أن تجسدت في شكل مدينة". لا يضاهي هذه المدينة الخالدة مكان على ظهر هذا الكوكب في إثارة مشاعر زائريه. قف في خشوع ومهابة أمام الجمال المقدس لتمثال "بييتا" في كاتدرائية القديس بطرس، الذي يجسد احتفالاً بعبقرية مايكل أنجلو الفذة وبعصر نهضة إيطاليا. استسلم لبهجة أسلوب الحياة الإيطالي المعروف باسم "لا دولتشي فيتا" (الحياة حلوة) بينما تتجول في شوارع حي "تراستيفيري" البوهيمية وفي يدك الجيلاتي (الآيس كريم)، كما لو كنت في عطلة رومانية أبدية. استمتع بالإطلالات الشاملة على صخب روما من أعلى تل "جانيكولو" وشاهد غروب الشمس ببطء وكيف تتحول المدينة معه إلى اللون الذهبي. تخيل المجالدين القدماء وهم يتدافعون نحو الساحة لملاقاة الموت وجهًا لوجه بجسارة في مدرج "الكولوسيوم" الروماني. ثم استسلم لسلطان الهوى وهو يغزو قلبك لمدينة دائمة الحركة، لا تغيرها صروف الدهر ولن تسمح لك بفراقها، كما سترى.

 

سافر إلى روما في إيطاليا لكي

كانت بدايات روما متواضعة، وذلك بصفتها عاصمة لإمبراطورية أحكمت قبضتها بجيوشها وطموحاتها على معظم أرجاء العالم الغربي المتحضر ذات يوم، وبالنسبة للبعض، فقد كانت بداية مشؤومة: تقول الأسطورة إن التوأمين رومولوس وريموس، اللذين كان نصف كلٍّ منهما بشرًا ونصفه الآخر إلهًا، أسسا المدينة معًا في 753 قبل الميلاد لكنهما اقتتلا على من يجب أن يحكمها. وكان الفوز من نصيب الأول، رومولوس، وباء الآخر، ريموس، بالهزيمة ولقي حتفه، وما تلا ذلك غني عن التعريف. وبحلول عام 117 ميلاديًا، تحولت تلك المدينة الصغيرة إلى إمبراطورية رومانية مهيبة، اتسعت رقعة نفوذها لتمتد من المرتفعات الأسكتلندية في الشمال الغربي إلى الصحراء الكبرى في الجنوب الشرقي. وبتوالي الأيام والليالي خفت نجم الإمبراطورية المهيبة حتى انطفأ إلى الأبد، إلا أن سطوة روما لم ينل منها شيء. لقد احتفظت روما بمكانتها التي نافحت للفوز بها بصفتها كابوت موندي (عاصمة العالم أجمع) لعدة قرون لاحقة، وبرزت بصفتها مستودع الروح ومستقر الجسد للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، ومسقط رأس عصر النهضة الإيطالية، حيث الباروكية والكلاسيكية الجديدة، وبعد ذلك، عاصمة البلاد عام 1870م، بعد أن جمعت إيطاليا شتاتها وحازت وحدتها.

 

عندما تكون في روما

إذا كنا ندخر نصيحة من أجلك قبل أن تطأ قدماك تراب روما لنيل قسط من الراحة، فلن تكون أفضل من "احجز تذكرتك باكرًا لتتفادى الزحام". احجز تذكرة شاملة عبر الإنترنت للاستمتاع بزيارة كل من مدرج الكولوسيوم الروماني، وهضبة بالاتين والمنتدى الروماني. كان الكولوسيوم هدية من الإمبراطور فسبازيان إلى الشعب الروماني، وهو النموذج الأكثر أيقونية لما تحويه مدينة روما من مناظر خلابة، حيث كان يتيح لـ 50000 من أهل روما مشاهدة المذابح التي تخلفها معارك المجالدين، بعضهم في مواجهة بعض، وهم في مقاعدهم المريحة. تسلق بالاتينو (هضبة بالاتين) وعش لحظات التجول حول الأطلال بأجوائها الآسرة وانظر أسفل الهضبة حيث المنتدى الروماني لتستمتع بكل ما خلده من أمجاد. وانحدر إلى حيث بدأت القصة برمتها: المنتدى الروماني الذي شهد انتصار رومولوس ومولد الإمبراطورية الرومانية، ونبض روما القديمة بروحها وسياستها وحياتها الاجتماعية.
أصغر دولة على ظهر هذا الكوكب بأسره، مدينة الفاتيكان (يبلغ تعداد سكانها 825 نسمة)، وموطن لبعض المعالم السياحية الفخمة بحق، مثل كاتدرائية القديس بطرس ومتاحف الفاتيكان. أما متاحف الفاتيكان فتضم مجموعة متنوعة من التحف الفنية يزيد عددها عن 20000 قطعة، لها من الفخامة ما لها، بدءًا من منحوتات العصر الروماني حتى أعمال عصر النهضة. كن مستعدًا للدهشة التي ستغمرك وأنت تنظر إلى الأرضية لكن لا تنس أن تقلب بصرك في السقف. تمثل اللوحات الجدارية التي تغمر سقف كنيسة "سيستينا" والتي رسمها مايكل أنجلو بنفسه واللوحات الجدارية التي تغطي الغرف الأربع في قصر الفاتيكان والتي رسمها رفائيل وتحمل اسمه، خلاصة ما جادت به رسومات عصر النهضة. ألق عملة معدنية في قلب نافورة تريفي، ودع عملتك النقدية تزاحم ما تصل قيمته إلى 1.5 مليون يورو من العملات التي تتخذ من تلك النافورة مستقرًا لها، تلك النافورة الباروكية المهيبة التي رافقت أودري هيبورن في فيلمها عطلة رومانية وأنيتا إيكبرج في فيلمها لا دولشي فيتا من إخراج فيديريكو فليني. انعم ببعض الراحة بعد يوم مشحون بالزيارات الثقافية في ساحة نافونا، تلك الساحة التي لا تخلو من أزيز السائحين ولا أهل المدينة ولا فناني الشوارع وتزخر بالمزيد من الأعاجيب الباروكية.

 

السباغيتي وغيرها

آن الأوان لتقابل حلم حياتك وجهًا لوجه، سباغيتي ألا كاربونارا. لطالما دار الكثير من الجدل حول طبق الباستا الرائد هذا بشكله المتواضع وشهرته الطاغية في روما. فالبعض يدّعي أن أصوله تعود إلى الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية عندما استخدم الجنود الأمريكيون لأول مرة هذا المزيج الشهي من مخفوق البيض والبانشيتا. وعلى العكس، يصر آخرون على أنها أصبحت وجبة أساسية دسمة لعمال مناجم الفحم الإيطاليين – الكاربوناري – في مطلع القرن الرابع عشر. والشيء الذي لا لبس فيه: أن مطعم "تراتوريا دا إنزو آل 29" المدار عائليًا، والكائن في شارع "فيا دي فاشيلاري"، مكان أساسي لتحظى فيه بالتجربة. أو اسحب كرسيًا في مطعم "دي دانيلو"، على الطوب، في شارع فيا بيتراركا أو مطعم مرزاباني في شارع فيا فيلليتري، لتتذوق الطعام الإيطالي الكلاسيكي من إعداد الطاهية الإسبانية ألبا إشتيف روي.
ثم يحل الدور على "بوكاتينيا لامادريتشانا" بلا شك. طبق آخر من الباستا، هذه المرة من الصنف المنقوع في الطماطم، ويضاف عليه الفلفل الأسود والفلفل الحار المجفف والجوانشالي لتستمتع بمذاقه. جرب هذا الطبق في أوستيريا ديلياميتشي، ذي الأجواء الدافئة المحفوفة بالبساطة، في شارع فيا نيكوليا تزاباليا. هل حان الوقت لوجبة خفيفة؟ إذن، فليس لها إلا كرات "سوبلي". ستجد كرات الأرز هذه المقلية والكريمية التي يفوح منها البخار والممزوجة بجبن الموتزاريلا المتماسكة في أيٍ من مطاعم روما لتقديم الأطعمة الجاهزة. أما الجيلاتي، فإياك أن تغض الطرف عنه، والأفضل منه، الجيلاتي المصنوع في المنزل (جيلاتو أرتيجينالي). أطلق لقدميك العنان لتأخذاك إلى شارع "فيا روما ليبرا" كي تزور "فاتا مورغانا" وتجرب بنفسك تشكيلة الآيس كريم المنتقاة بعناية مما كان مفضلاً قديمًا، وتبشر بإقبال الوافدين الجدد عليها، مثل الشوكولاتة بالتبغ أو الريحان بالجوز والعسل.

 

عش لا دولتشي فيتا حتى آخر رمق

أما التسوق في شوارع روما، فتمامًا كما أردت. يكتظ شارع "فيا كوندوتي"، الصديق الحميم لمدمني التسوق والعدو اللدود لأموالهم، بكوكبة من الأسماء الضخمة وبطاقات أسعار تتناسب معها. جاء هذا الشارع ردًا من روما على شارع "فيا مونتينابوليوني" في ميلانو، وهو أيضًا موطن "أنتيكو كافيه جريكو"، أقدم بار في روما، حيث شوهد مشاهير من أمثال ستندال وغوته وشوبنهاور وبايرون وليزت وكيتس وإبسن وفاغنر، وحتى كازانوفا، وهم يحتسون قهوتهم فيه. تنتشر العلامات التجارية الراقية في شارع "فيا ديل كروسو"، ذلك الشارع الفسيح الممتد بين ساحة البندقية وساحة "ديل بوبولو". هل تبحث عن علامات تجارية عصرية؟ عرّج على شارع "فيا أوربانا" أو شارع "فيا ديل بوسكيتو" لاقتناء تشكيلات من المنتجات والصيحات الكلاسيكية المنتقاة بعناية. هل شبعت من التسوق؟ روّح عن نفسك وشاهد أهل روما الحاذقين في فن "لاباسيجاتا"، وهو تقليد التنزه البطيء في المساء، لتكون في قلب الحدث.
ومن عادة أهل روما تناول العشاء في غضون الثامنة مساءً، لذا لا تتوقع أي فعاليات بعد أن يحل الظلام قبل الساعة 11 مساءً. ابدأ مغامرتك الليلية مع أبريتيفو الشهير، وهو طقس يمارسه أهل روما لما قبل العشاء، ويتضمن كوكتيلاً لذيذًا وفاتحًا للشهية ممزوجًا جيدًا، عادةً على الجانب المر، والمقبلات المالحة. جرب "فريني إفريتسيوني" في حي تراستيفيري مع طاقم عمل من المهرة، وبوفيه فخم وحشود تهوى المرح. هل ترغب في كوكتيل مخلوط يدويًا تشوبه مسحة من الغموض؟ فاز "جيري توماس سبيكيزي" بالتصويت لخمسة أعوام متتالية من بين أفضل 50 بار على مستوى العالم، ويحظى بتهافت الناس عليه الممزوج بالشغف الحقيقي لفن خلط المشروبات يرافقه شعور مثير يذكر بعصرٍ كانت فيه بعض المشروبات محظورة. تحقق من الموقع الإلكتروني للحصول على كلمة المرور اليومية للدخول. هل أنت مستعد للاحتفال؟ توجه إلى مطعم "شاري فاري" في شارع "فيا دي توري أرجينتينا". بار يبعث على الراحة في ساعات النهار، أما في الليل فتنقلب الأمور رأسًا على عقب ويتحول المكان إلى نادٍ صاخب، ويصير أفضل مكان لقضاء الليل بطوله في مكان فخم وجذاب.

 

حدائق تتزين بالفن وشطآن تعانق الشمس

هل تود أن ترى الجانب الأخضر في "لا تيشتا إيتيرنا" (المدينة الخالدة)؟ ابدأ باكتشاف الحدائق الخضراء في "فيلا بورغيزي" الواقعة في قلب روما، ويا للعجب فهي على شكل قلب أيضًا!! بدأت القصة على يد الكاردينال "شيبيوني بورغيزي"، كفيل الفنان "جان لورينزو برنيني"، إذ بدأ في تحويل بستان الكروم هذا، عام 1605 م، إلى أفضل الحدائق الغناء احتفالاً منه بحبه لكل ما فيه فن. والآن، تقف هذه الحدائق شامخة كمجمع حدائق يخطف الأنظار، جنبًا إلى جنب مع معرض "جاليريا بورغيزي"، وجزء كبير من تشكيلات كارافاجيو ورفائيل وتيتيان الفنية الموجودة في معرض بورغيزي، لتكتمل بذلك اللوحة الفنية. واصل رحلتك الاستكشافية لسبر أغوار الجانب الأخضر من روما في أكبر حدائق المدينة العامة، "فيلا دوريا بامفيلي"، وشاهد روعة جنانها المشذبة، و"كازينو ديل بل ريسبيرو"، الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر أو متع عينيك من ثاني أكبر تلك الحدائق، "فيلا أدا"، المغطاة بأشجار الصنوبر الثمري والبلوط والغار. ولا ينبغي أن ننسى أن روما تعج بالشواطئ أيضًا!! استقل القطار لتنغمر في أشعة الشمس وتنال قسطًا من اللهو في المياه الزرقاء في "سانتا مارينيلا"، المكان المفضل لدى أهل روما.

 

مطار روما

مطار روما فيوميتشينو أو مطار ليوناردو دافينشي هو المطار الدولي الرئيسي والأكثر ازدحامًا في روما، ويقع على بعد 25 كيلومترًا جنوب غرب المدينة. يضم المطار ثلاث صالات، ويحتوي على أشياء رائعة للاختيار منها، سواء كان ذلك بشراء الهدايا في اللحظات الأخيرة أو تناول وجبة خفيفة قبل الصعود على متن الطائرة. يغادر قطار ليوناردو إكسبريس الذي تديره هيئة السكك الحديدية الإيطالية ترينيتاليا، كل 15 دقيقة ليصل إلى محطة تيرميني في غضون نصف ساعة من مغادرته. كما تتوفر أيضًا خدمات تأجير السيارات وسيارات الأجرة.

 

الطقس في روما

تمتاز روما بمناخ متوسطي لطيف، في العموم، مع تقلبات جوية محيطية طفيفة. يتميز الشتاء بأنه معتدل ورطب صباحًا، بارد ليلاً، أما الصيف، فيأتي ومعه الكثير من أشعة الشمس ولا يكدر صفوه إلا عاصفة رعدية عارضة وقت الظهيرة. ضع في حسبانك أن العطلات في روما لا ينفك عنها الكثير من المشي؛ لذا فإن درجات الحرارة السائدة أواخر الصيف ليست طقسًا جيدًا لقضاء عطلة في المدينة مليئة بالإثارة. لذا فأفضل وقت لقضاء رحلتك في الفترة بين منتصف أبريل ومنتصف يونيو أو سبتمبر أو في مطلع أكتوبر بدلاً من ذلك.